الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: المحلى بالآثار في شرح المجلى بالاختصار **
كُلُّ أَرْضٍ لاَ مَالِكَ لَهَا، وَلاَ يُعْرَفُ أَنَّهَا عُمِّرَتْ فِي الإِسْلاَمِ فَهِيَ لِمَنْ سَبَقَ إلَيْهَا وَأَحْيَاهَا سَوَاءٌ بِإِذْنِ الْإِمَامِ فَعَلَ ذَلِكَ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ لاَ إذْنَ فِي ذَلِكَ لِلْإِمَامِ، وَلاَ لِلأَمِيرِ وَلَوْ أَنَّهُ بَيْنَ الدُّورِ فِي الأَمْصَارِ، وَلاَ لأََحَدٍ أَنْ يَحْمِيَ شَيْئًا مِنْ الأَرْضِ عَمَّنْ سَبَقَ إلَيْهَا بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فَلَوْ أَنَّ الْإِمَامَ أَقْطَعَ إنْسَانًا شَيْئًا لَمْ يَضُرَّهُ ذَلِكَ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَحْمِيَهُ مِمَّنْ سَبَقَ إلَيْهِ؛ فَإِنْ كَانَ إحْيَاؤُهُ لِذَلِكَ مُضِرًّا بِأَهْلِ الْقَرْيَةِ ضَرَرًا ظَاهِرًا لَمْ يَكُنْ لأََحَدٍ أَنْ يَنْفَرِدَ بِهِ لاَ بِإِقْطَاعِ الْإِمَامِ، وَلاَ بِغَيْرِهِ، كَالْمِلْحِ الظَّاهِرِ، وَالْمَاءِ الظَّاهِرِ، وَالْمَرَاحِ وَرَحْبَةِ السُّوقِ وَالطَّرِيقِ، وَالْمُصَلَّى، وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَأَمَّا مَا مُلِكَ يَوْمًا مَا بِإِحْيَاءٍ أَوْ بِغَيْرِهِ ثُمَّ دَثَرَ وَأُشْغِرَ حَتَّى عَادَ كَأَوَّلِ حَالِهِ فَهُوَ مِلْكٌ لِمَنْ كَانَ لَهُ، لاَ يَجُوزُ لأََحَدٍ تَمَلُّكُهُ بِالْإِحْيَاءِ أَبَدًا، فَإِنْ جُهِلَ أَصْحَابُهُ فَالنَّظَرُ فِيهِ إلَى الْإِمَامِ، وَلاَ يُمْلَكُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ. وَقَدْ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي هَذَا: فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لاَ تَكُونُ الأَرْضُ لِمَنْ أَحْيَاهَا إِلاَّ بِإِذْنِ الْإِمَامِ لَهُ فِي ذَلِكَ. وقال مالك: أَمَّا مَا يَتَشَاحُّ النَّاسُ فِيهِ مِمَّا يَقْرُبُ مِنْ الْعُمْرَانِ فَإِنَّهُ لاَ يَكُونُ لأََحَدٍ إِلاَّ بِقَطِيعَةِ الْإِمَامِ، وَأَمَّا حِمَى مَا كَانَ فِي الصَّحَارِي وَغَيْرِ الْعُمْرَانِ فَهُوَ لِمَنْ أَحْيَاهُ فَإِنْ تَرَكَهُ يَوْمًا مَا حَتَّى عَادَ كَمَا كَانَ، فَقَدْ صَارَ أَيْضًا لِمَنْ أَحْيَاهُ وَسَقَطَ عَنْهُ مِلْكُهُ وَهَكَذَا قَالَ فِي الصَّيْدِ يُتَمَلَّكُ ثُمَّ يَتَوَحَّشُ فَإِنَّهُ لِمَنْ أَخَذَهُ، فَإِنْ كَانَ فِي أُذُنِهِ شَنْفٌ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ فَالشَّنْفُ الَّذِي كَانَ لَهُ وَالصَّيْدُ لِمَنْ أَخَذَهُ. وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ: لَيْسَ الْمَوَاتُ إِلاَّ فِي أَرْضِ الْعَرَبِ فَقَطْ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: مَنْ أَحْيَا الْمَوَاتَ فَهُوَ لَهُ، وَلاَ مَعْنَى لأَِذْنِ الْإِمَامِ، إِلاَّ أَنَّ حَدَّ الْمَوَاتِ عِنْدَهُ مَا إذَا وَقَفَ الْمَرْءُ فِي أَدْنَى الْمِصْرِ إلَيْهِ ثُمَّ صَاحَ لَمْ يُسْمَعْ فِيهِ، فَمَا سُمِعَ فِيهِ الصَّوْتُ لاَ يَكُونُ إِلاَّ بِإِذْنِ الْإِمَامِ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ،، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَبُو سُلَيْمَانَ وَأَصْحَابُهُ كَقَوْلِنَا. فأما مَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَ أَبِي حَنِيفَةَ فَاحْتَجُّوا بِخَبَرٍ مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ وَاقِدٍ عَنْ مُوسَى بْنِ يَسَارٍ عَنْ مَكْحُولٍ عَنْ جُنَادَةَ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ قَالَ: نَزَلْنَا دَابِقَ وَعَلَيْنَا أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ فَقَتَلَ حَبِيبُ بْنُ مَسْلَمَةَ قَتِيلاً مِنْ الرُّومِ فَأَرَادَ أَبُو عُبَيْدَةَ أَنْ يُخَمِّسَ سَلَبَهُ فَقَالَ لَهُ حَبِيبٌ: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ السَّلْبَ لِلْقَاتِلِ فَقَالَ لَهُ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ: مَهْ يَا حَبِيبُ إنِّي سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: إنَّمَا لِلْمَرْءِ مَا طَابَتْ بِهِ نَفْسُ إمَامِهِ وَقَالُوا: لَمَّا كَانَ الْمَوَاتُ لَيْسَ أَحَدٌ أَوْلَى بِهِ مِنْ أَحَدٍ أَشْبَهَ مَا فِي بَيْتِ الْمَالِ، مَا نَعْلَمُ لَهُمْ شُبْهَةً غَيْرَ هَذَا. قَالَ عَلِيٌّ: أَمَّا الأَثَرُ فَمَوْضُوعٌ؛ لأََنَّهُ مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ وَاقِدٍ وَهُوَ مَتْرُوكٌ بِاتِّفَاقٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالآثَارِ ثُمَّ هُوَ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ؛ لأََنَّهُمْ أَوَّلُ مَنْ خَالَفَهُ فَأَبَاحُوا الصَّيْدَ لِمَنْ أَخَذَهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ، فَإِنْ ادَّعَوْا إجْمَاعًا كَذَبُوا لأََنَّ فِي التَّابِعِينَ مَنْ مَنَعَ مِنْ الصَّيْدِ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَجَعَلَهُ مِنْ الْمَغْنَمِ، وَلاَ يُعَارَضُ بِمِثْلِ هَذَا الأَثَرِ الْكَاذِبِ حُكْمُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالسَّلَبِ لِلْقَاتِلِ، وَبِالأَرْضِ لِمَنْ أَحْيَاهَا. وَأَمَّا تَشْبِيهُهُمْ ذَلِكَ بِمَا فِي بَيْتِ الْمَالِ فَهُوَ قِيَاسٌ وَالْقِيَاسُ كُلُّهُ بَاطِلٌ؛ لأََنَّ مَا فِي بَيْتِ الْمَالِ أَمْوَالٌ مَمْلُوكَةٌ، أُخِذَتْ بِجِزْيَةٍ أَوْ بِصَدَقَةٍ أَوْ مِنْ بَيْتِ مَالٍ كَانَ لَهُ رَبٌّ فَلَمْ يَعْرِفْهُ، وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يُشَبَّهَ مَا لَمْ يُعْرَفْ أَكَانَ لَهُ رَبٌّ أَمْ لَمْ يَكُنْ لَهُ رَبٌّ بِمَا يُوقَنُ أَنَّهُ كَانَ لَهُ رَبٌّ. لَوْ كَانَ الأَمْرُ بِالْقِيَاسِ حَقًّا لَكَانَ قِيَاسُ الأَرْضِ الْمَوَاتِ الَّتِي لَمْ يَكُنْ لَهَا رَبٌّ بِالصَّيْدِ وَالْحَطَبُ أَوْلَى وَأَشْبَهُ، وَلَكِنْ لاَ النُّصُوصَ يَتَّبِعُونَ، وَلاَ الْقِيَاسَ يُحْسِنُونَ. ثُمَّ لَوْ صَحَّ هَذَا الْخَبَرُ الْمَوْضُوعُ لَكَانَ حُجَّةً لَنَا؛ لأََنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ قَضَى بِالْمَوَاتِ لِمَنْ أَحْيَاهُ، وَهُوَ عليه السلام الْإِمَامُ الَّذِي لاَ إمَامَةَ لِمَنْ لَمْ يَأْتَمَّ بِهِ، وَهُوَ الَّذِي قَالَ فِيهِ تَعَالَى: وَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ فَظَاهِرُ الْفَسَادِ؛ لأََنَّهُ قَسَّمَ تَقْسِيمًا لاَ نَعْلَمُهُ عَنْ أَحَدٍ قَبْلَهُ، وَلاَ جَاءَ بِهِ قُرْآنٌ، وَلاَ سَنَةٌ، وَلاَ رِوَايَةٌ سَقِيمَةٌ، وَلاَ قِيَاسٌ. وأعجب شَيْءٍ فِيهِ أَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ الْمَوَاتَ الْقَرِيبَ الَّذِي لَمْ يَكُنْ لَهُ قَطُّ مَالِكٌ لِمَنْ أَحْيَاهُ، وَقَدْ جَعَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ جَعَلَ الْمَالَ الْمُتَمَلَّكَ الَّذِي حَرَّمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْقُرْآنِ، وَعَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذْ يَقُولُ إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ فَجَعَلَهَا مِلْكًا لِمَنْ أَخَذَهَا كَالْقَوْلِ الَّذِي ذَكَرْنَا عَنْهُ فِي الْمَوَاتِ يُعَمَّرُ ثُمَّ يُتَشَغَّرُ، وَمِثْلُ الصَّيْدِ يَتَوَحَّشُ، وَمَا وَجَبَ سُقُوطُ الْمِلْكِ بِالتَّوَعُّرِ وَالتَّوَحُّشِ لاَ بِقُرْآنٍ، وَلاَ بِسُنَّةٍ، وَلاَ بِرِوَايَةٍ سَقِيمَةٍ، وَلاَ بِقِيَاسٍ، وَلاَ بِرَأْيٍ لَهُ وَجْهٌ. وَأَيْضًا فَلاَ يَخْلُو مَا قَرُبَ مِنْ الْعُمْرَانِ أَوْ تَشَاحَّ فِيهِ النَّاسُ مِنْ أَنْ يَكُونَ فِيهِ ضَرَرٌ عَلَى أَهْلِ الْقَرْيَةِ وَالْمِصْرِ، أَوْ لاَ ضَرَرَ فِيهِ عَلَيْهِمْ، فَإِنْ كَانَ فِيهِ ضَرَرٌ فَمَا لِلْإِمَامِ أَنْ يَقْطَعَهُ أَحَدًا، وَلاَ أَنْ يَضُرَّ بِهِمْ، وَإِنْ كَانَ لاَ ضَرَرَ فِيهِ عَلَيْهِمْ، فَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَعِيدِ عَنْ الْعُمْرَانِ فَصَحَّ أَنْ لاَ مَعْنَى لِلْإِمَامِ فِي ذَلِكَ أَصْلاً. وَكَذَلِكَ تَقْسِيمُ أَبِي يُوسُفَ، وَالْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ فَفَاسِدٌ أَيْضًا؛ لأََنَّهُ قَوْلٌ بِلاَ بُرْهَانٍ، فَهُوَ سَاقِطٌ. قال أبو محمد: وَبُرْهَانُ صِحَّةِ قَوْلِنَا مَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ النَّسَائِيّ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، حَدَّثَنَا يَحْيَى، هُوَ ابْنُ بُكَيْرٍ عَنْ اللَّيْثِ، هُوَ ابْنُ سَعْدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ هُوَ أَبُو الأَسْوَدِ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيِّتَةً لَيْسَتْ لأََحَدٍ فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا. وَمِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ عَمَّرَ أَرْضًا لَيْسَتْ لأََحَدٍ فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا قَالَ عُرْوَةُ: وَقَضَى بِهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ. قال أبو محمد: هَذَا الْخَبَرُ هُوَ نَصُّ قَوْلِنَا، وَهُوَ الْمُبْطِلُ لِقَوْلِ مَنْ لَمْ يَجْعَلْ ذَلِكَ إِلاَّ بِإِذْنِ غَيْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إمَّا عُمُومًا وَأَمَّا فِي مَكَان دُونَ مَكَان، وَلِقَوْلِ مَنْ قَالَ: مَنْ عَمَّرَ أَرْضًا قَدْ عُمِّرَتْ ثُمَّ أُشْغِرَتْ فَهِيَ لِلَّذِي عَمَّرَهَا آخِرًا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: فَصَحَّ أَنَّ كُلَّ قَضِيَّةٍ قَضَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكُلَّ عَطِيَّةٍ أَعْطَاهَا عليه السلام فَلَيْسَ لأََحَدٍ يَأْتِي بَعْدَهُ لاَ إمَامٍ، وَلاَ غَيْرِهِ أَنْ يَعْتَرِضَ فِيهَا، وَلاَ أَنْ يُدْخِلَ فِيهَا حُكْمًا وَقَدْ اتَّصَلَ كَمَا تَرَى أَنَّ عُمَرَ قَضَى بِذَلِكَ وَلاَ يُعْرَفُ لَهُ مُخَالِفٌ مِنْ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم. وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، هُوَ ابْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ الثَّقَفِيُّ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ هُوَ السِّخْتِيَانِيُّ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيِّتَةً فَهِيَ لَهُ وَلَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ. وَمِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ قَالَ: الْعِرْقُ الظَّالِمُ هُوَ الرَّجُلُ يَعْمُرُ الأَرْضَ الْخَرِبَةَ وَهِيَ لِلنَّاسِ قَدْ عَجَزُوا عَنْهَا فَتَرَكُوهَا حَتَّى خَرِبَتْ. وَمِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ قَالَ: الْعِرْقُ الظَّالِمُ هُوَ الرَّجُلُ يَعْمُرُ الأَرْضَ الْخَرِبَةَ وَهِيَ لِلنَّاسِ قَدْ عَجَزُوا عَنْهَا فَتَرَكُوهَا حَتَّى خَرِبَتْ. قال أبو محمد: فَهَذَا عُرْوَةُ سَمَّى هَذِهِ الصِّفَةَ عِرْقَ ظَالِمٍ، وَصَدَقَ عُرْوَةُ وَهَذَا هُوَ الَّذِي أَبَاحَهُ الْمَالِكِيُّونَ. وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، وَعَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، هُوَ ابْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ الثَّقَفِيُّ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ هُوَ السِّخْتِيَانِيُّ وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ: حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ الْمُهَلَّبِيُّ، ثُمَّ اتَّفَقَ أَيُّوبُ، وَعَبَّادٌ كِلاَهُمَا عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيِّتَةً فَلَهُ فِيهَا أَجْرٌ، وَمَا أَكَلَتْ الْعَوَافِي مِنْهَا فَهُوَ لَهُ صَدَقَةٌ. قَالَ عَلِيٌّ: لاَ مَعْنَى لأََخْذِ رَأْيِ الْإِمَامِ فِي الصَّدَقَةِ، وَلاَ مَا فِيهِ أَجْرٌ، وَلَوْ أَرَادَ الْمَنْعَ مِنْ ذَلِكَ لَكَانَ عَاصِيًا لِلَّهِ تَعَالَى. وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ الآمِلِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ أَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ الْجُمَحِيُّ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى أَنَّ الأَرْضَ أَرْضُ اللَّهِ، وَالْعِبَادَ عِبَادُ اللَّهِ، وَمَنْ أَحْيَا مَوَاتًا فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ جَاءَنَا بِهَذَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِينَ جَاءُوا بِالصَّلَوَاتِ عَنْهُ. وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد السَّرْحِ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يُونُسُ، هُوَ ابْنُ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ اللَّيْثِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لاَ حِمَى إِلاَّ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ. فَصَحَّ أَنْ لَيْسَ لِلْإِمَامِ أَنْ يَحْمِيَ شَيْئًا مِنْ الأَرْضِ عَنْ أَنْ تَحْيَا. وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ عَنْ يَحْيَى بْنِ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَجُلاً غَرَسَ نَخْلاً فِي أَرْضِ غَيْرِهِ فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِصَاحِبِ الأَرْضِ بِأَرْضِهِ وَأَمَرَ صَاحِبَ النَّخْلِ أَنْ يُخْرِجَ نَخْلَهُ مِنْهَا. قَالَ عُرْوَةُ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَكْبَرُ ظَنِّي أَنَّهُ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ، فَأَنَا رَأَيْتُ الرَّجُلَ يَضْرِبُ فِي أُصُولِ النَّخْلِ. قال أبو محمد: هَذَا هُوَ الْحَقُّ الَّذِي لاَ يَجُوزُ غَيْرُهُ، وَعُرْوَةُ لاَ يَخْفَى عَلَيْهِ مَنْ صَحَّتْ صُحْبَتُهُ مِمَّنْ لَمْ تَصِحَّ، وَقَدْ اعْتَمَرَ مِنْ مَكَّةَ إلَى الْمَدِينَةِ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَأَدْرَكَهُ فَمَنْ دُونَهُ، لاَ قَوْلَ مَالِكٍ: إنَّهُ إنْ لَمْ يَنْتَفِعْ بِالشَّجَرِ إنْ قُلِعَتْ كَانَ لِغَارِسِهَا قِيمَتُهَا مَقْلُوعَةً أَحَبَّ أَمْ كَرِهَ، وَتُرِكَتْ لِصَاحِبِ الأَرْضِ أَحَبَّ أَمْ كَرِهَ، وَمَا يَزَالُونَ يَقْضُونَ لِلنَّاسِ بِأَمْوَالِ النَّاسِ الْمُحَرَّمَةِ عَلَيْهِمْ بِغَيْرِ بُرْهَانٍ، وَالْمُتَعَدِّي وَإِنْ ظَلَمَ فَظُلْمُهُ لاَ يَحِلُّ أَنْ يَظْلِمَ فَيُؤْخَذَ مِنْ مَالِهِ مَا لَمْ يُوجِبْ اللَّهُ تَعَالَى، وَلاَ رَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْذَهُ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ. وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي عُبَيْدٍ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ الْحِمْصِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَخْطُبُ عَلَى هَذَا الْمِنْبَرِ يَقُولُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيِّتَةً فَهِيَ لَهُ، وَجَاءَ أَيْضًا عَنْ عَلِيٍّ فَهَذَا بِحَضْرَةِ الصَّحَابَةِ عَلاَنِيَةً لاَ يُنْكِرُهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ. وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ حَكِيمِ بْنِ زُرَيْقٍ قَالَ: قَرَأْت كِتَابَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ إلَى أَبِي: مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيِّتَةً بِبُنْيَانٍ أَوْ حَرْثٍ مَا لَمْ تَكُنْ مِنْ أَمْوَالِ قَوْمٍ ابْتَاعُوهَا أَوْ أَحْيَوْا بَعْضًا وَتَرَكُوا بَعْضًا فَأَجَازَ لِلْقَوْمِ إحْيَاءَهُمْ. وَأَمَّا مَا كَانَ مَكْشُوفًا فَلِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ يَأْخُذُونَ مِنْهُ الْمَاءَ أَوْ الْمِلْحَ، أَوْ يُرِيحُونَ فِيهِ دَوَابَّهُمْ، فَلأََنَّهُمْ قَدْ مَلَكُوهُ فَلَيْسَ لأََحَدٍ أَنْ يَنْفَرِدَ بِهِ. وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى بْنِ قَيْسٍ الْمَازِنِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبْيَضَ بْنِ حَمَالٍ هُوَ الْمَازِنِيُّ قَالَ: اسْتَقْطَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعْدِنَ الْمِلْحِ الَّذِي بِمَأْرِبَ فَأَقْطَعَنِيهِ، فَقِيلَ لَهُ: إنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمَاءِ الْعِدِّ قَالَ: فَلاَ إذًا. قال أبو محمد: فإن قيل: فَقَدْ أَقْطَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَقْطَعَ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، وَمُعَاوِيَةُ فَمَا مَعْنَى إقْطَاعِهِمْ قلنا: أَمَّا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ الَّذِي لَهُ الْحِمَى وَالْإِقْطَاعُ، وَاَلَّذِي لَوْ مَلَّكَ إنْسَانًا رَقَبَةَ حُرٍّ لَكَانَ لَهُ عَبْدًا وَأَمَّا مَنْ دُونَهُ عليه السلام فَقَدْ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ قَطْعًا لِلتَّشَاحِّ وَالتَّنَازُعِ، وَلاَ حُجَّةَ فِي أَحَدٍ دُونَهُ عليه السلام. قال أبو محمد: وَلَيْسَ الْمَرْعَى مُتَمَلَّكًا، بَلْ مَنْ أَحْيَا فِيهِ فَهُوَ لَهُ، وَيُقَالُ لأََهْلِ الْمَاشِيَةِ: أَعْزِبُوا وَأَبْعِدُوا فِي طَلَبِ الْمَرْعَى، وَإِنَّمَا التَّمَلُّكُ بِالْإِحْيَاءِ فَقَطْ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ وَالرَّعْيُ لَيْسَ إحْيَاءً، وَلَوْ كَانَ إحْيَاءً لَمَلَكَ الْمَكَانَ مَنْ رَعَاهُ، وَهَذَا بَاطِلٌ مُتَيَقَّنٌ فِي اللُّغَةِ وَفِي الشَّرِيعَةِ. وَاحْتَجَّ بَعْضُ الْمَالِكِيِّينَ لِقَوْلِهِمْ فِي الصَّيْدِ الْمُتَوَحِّشِ بِأَسْخَفِ مُعَارَضَةٍ سُمِعَتْ، وَهُوَ، أَنَّهُ قَالَ: الصَّيْدُ إذَا تَوَحَّشَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ أَخَذَ مَاءً مِنْ بِئْرٍ مُتَمَلَّكَةٍ فِي وِعَائِهِ فَانْهَرَقَ الْمَاءُ فِي الْبِئْرِ، أَيَكُونُ شَرِيكًا بِذَلِكَ فِي الْمَاءِ الَّذِي فِي الْبِئْرِ. قال أبو محمد: الْبِئْرُ وَأَخْذُ الْمَاءِ مِنْهَا لاَ يَخْلُو أَنْ تَكُونَ مُبَاحَةً أَوْ مُتَمَلَّكَةً، فَإِنْ كَانَتْ مُبَاحَةً فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا أَضْعَافَ مَا انْهَرَقَ لَهُ إنْ شَاءَ، وَلَهُ أَنْ يَتْرُكَ إنْ شَاءَ، كَمَا يَتْرُكُ النَّاسُ مَا لاَ قِيمَةَ لَهُ عِنْدَهُمْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَيُبِيحُونَهُ لِمَنْ أَخَذَهُ، كَالنَّوَى، وَالتِّبْنِ، وَالزِّبْلِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَلَوْ أَنَّ صَاحِبَ كُلِّ ذَلِكَ لَمْ يُطْلِقْهُ، وَلاَ أَبَاحَ أَخْذَهُ لأََحَدٍ، لَكَانَ ذَلِكَ لَهُ، وَلَمَا حَلَّ لأََحَدٍ أَخْذُهُ، فَلاَ يَحِلُّ مَالُ أَحَدٍ قَلَّ أَوْ كَثُرَ إِلاَّ بِإِبَاحَتِهِ لَهُ، أَوْ حَيْثُ أَبَاحَتْهُ الدِّيَانَةُ عَنْ اللَّهِ تَعَالَى. وَقَدْ نَصَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَنَّ مَنْ اقْتَطَعَ بِيَمِينِهِ حَقَّ مُسْلِمٍ أَوْجَبَ اللَّهُ لَهُ النَّارَ وَلَوْ كَانَ قَضِيبًا مِنْ أَرَاكٍ، فَأَيُّمَا أَكْثَرُ عِنْدَهُمْ وَهُمْ أَصْحَابُ قِيَاسٍ بِزَعْمِهِمْ قَضِيبُ أَرَاكٍ، أَوْ أُيَّلٌ، أَوْ حِمَارُ وَحْشٍ، يُسَاوِي كُلُّ وَاحِدِ مِنْهَا مَالاً، أَوْ أَرْضٌ تُسَاوِي الأَمْوَالَ، وَإِنْ كَانَتْ الْبِئْرُ مُتَمَلَّكَةً، فَلاَ يَخْلُو آخِذُ الْمَاءِ مِنْهَا مِنْ أَنْ يَكُونَ مُحْتَاجًا إلَى مَا أَخَذَ أَوْ غَيْرَ مُحْتَاجٍ، فَإِنْ كَانَ مُحْتَاجًا فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا مِثْلَ مَا انْهَرَقَ لَهُ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ أَضْعَافَهُ إذَا احْتَاجَ إلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُحْتَاجٍ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْ مَائِهَا لاَ مَا قَلَّ، وَلاَ مَا كَثُرَ فَظَهَرَ هَذَرُ هَذَا الْجَاهِلِ وَتَخْلِيطُهُ.
وَالْإِحْيَاءُ هُوَ قَلْعُ مَا فِيهَا مِنْ عُشْبٍ، أَوْ شَجَرٍ، أَوْ نَبَاتٍ، بِنِيَّةِ الْإِحْيَاءِ، لاَ بِنِيَّةِ أَخْذِ الْعُشْبِ وَالأَحْتِطَابِ فَقَطْ، أَوْ جَلْبِ مَاءٍ إلَيْهَا مِنْ نَهْرٍ، أَوْ مِنْ عَيْنٍ، أَوْ حَفْرِ بِئْرٍ فِيهَا لِسَقْيِهَا مِنْهُ، أَوْ حَرْثِهَا، أَوْ غَرْسِهَا، أَوْ تَزْبِيلِهَا، أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَ التَّزْبِيلِ مِنْ نَقْلِ تُرَابٍ إلَيْهَا، أَوْ رَمَادٍ، أَوْ قَلْعِ حِجَارَةٍ، أَوْ جَرْدِ تُرَابِ مِلْحٍ عَنْ وَجْهِهَا حَتَّى يُمْكِنَ بِذَلِكَ حَرْثُهَا، أَوْ غَرْسُهَا، أَوْ أَنْ يُخْتَطَّ عَلَيْهَا بِحَظِيرٍ لِلْبِنَاءِ فَهَذَا كُلُّهُ إحْيَاءٌ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ الَّتِي بِهَا خَاطَبَنَا اللَّهُ تَعَالَى عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَكُونُ لَهُ بِذَلِكَ مَا أَدْرَكَ الْمَاءَ فِي فَوْرِهِ وَكَثْرَتِهِ فِي جَمِيعِ جِهَاتِ الْبِئْرِ، أَوْ الْعَيْنِ، أَوْ النَّهْرِ، أَوْ السَّاقِيَّةِ، قَدْ مَلَكَهُ وَاسْتَحَقَّهُ؛ لأََنَّهُ أَحْيَاهُ، وَلاَ خِلاَفَ فِي ضَرُورَةِ الْحِسِّ وَاللُّغَةِ أَنَّ الأَحْتِطَابَ وَأَخْذَ الْعُشْبِ لِلرَّعْيِ لَيْسَ إحْيَاءً وَمَا تَوَلَّى الْمَرْءُ مِنْ ذَلِكَ بِأُجَرَائِهِ وَأَعْوَانِهِ، فَهُوَ لَهُ، لاَ لَهُمْ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى.
وَمَنْ خَرَجَ فِي أَرْضِهِ مَعْدِنُ فِضَّةٍ، أَوْ ذَهَبٍ، أَوْ نُحَاسٍ أَوْ حَدِيدٍ، أَوْ رَصَاصٍ، أَوْ قَزْدِيرٍ، أَوْ زِئْبَقٍ، أَوْ مِلْحٍ، أَوْ شَبٍّ، أَوْ زِرْنِيخٍ، أَوْ كُحْلٍ، أَوْ يَاقُوتٍ، أَوْ زُمُرُّدٍ، أَوْ بَجَادِيٍّ، أَوْ رهوبي، أَوْ بِلَّوْرٍ، أَوْ كَذَّانٍ، أَوْ أَيِّ شَيْءٍ كَانَ فَهُوَ لَهُ، وَيُورَثُ عَنْهُ، وَلَهُ بَيْعُهُ، وَلاَ حَقَّ لِلْإِمَامِ مَعَهُ فِيهِ، وَلاَ لِغَيْرِهِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ. وقال مالك: تَصِيرُ الأَرْضُ لِلسُّلْطَانِ. قال أبو محمد: وَهَذَا بَاطِلٌ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى:
وَمَنْ سَاقَ سَاقِيَةً، أَوْ حَفَرَ بِئْرًا، أَوْ عَيْنًا فَلَهُ مَا سَقَى كَمَا قَدَّمْنَا. وَلاَ يَحْفِرُ أَحَدٌ بِحَيْثُ يَضُرُّ بِتِلْكَ الْعَيْنِ، أَوْ بِتِلْكَ الْبِئْرِ، أَوْ بِتِلْكَ السَّاقِيَةِ، أَوْ ذَلِكَ النَّهْرِ، أَوْ بِحَيْثُ يَجْلِبُ شَيْئًا مِنْ مَائِهَا عَنْهَا فَقَطْ، لاَ حَرِيمَ لِذَلِكَ أَصْلاً غَيْرَ مَا ذَكَرْنَا؛ لأََنَّهُ إذَا مَلَكَ تِلْكَ الأَرْضَ فَقَدْ مَلَكَ مَا فِيهَا مِنْ الْمَاءِ فَلاَ يَجُوزُ أَخْذُ مَالِهِ بِغَيْرِ حَقٍّ. وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ إسْمَاعِيلَ ابْنِ عُلَيَّةَ عَنْ رَجُلٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ. وَمِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ الطَّائِفِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: حَرِيمُ الْبِئْرِ الْمُحْدَثَةِ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ ذِرَاعًا، وَحَرِيمُ الْبِئْرِ الْعَادِيَةِ خَمْسُونَ ذِرَاعًا. وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيِّ مِنْ قَوْلِهِمَا مِثْلُ ذَلِكَ. وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَالشَّعْبِيِّ، وَالْحَسَنِ: حَرِيمُ الْبِئْرِ أَرْبَعُونَ ذِرَاعًا لأََعْطَانِ الْإِبِلِ، وَالْغَنَمِ. وَعَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ: حَرِيمُ بِئْرِ الزَّرْعِ ثَلاَثُمِائَةِ ذِرَاعٍ. قَالَ الزُّهْرِيُّ: سَمِعْت النَّاسَ يَقُولُونَ: حَرِيمُ الْعَيْنِ خَمْسُمِائَةِ ذِرَاعٍ. وَعَنْ عِكْرِمَةَ: حَرِيمُ مَا بَيْنَ الْعَيْنَيْنِ مِائَتَا ذِرَاعٍ وَلَيْسَ عِنْدَ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ حَدٌّ. وقال أبو حنيفة: حَرِيمُ بِئْرِ الْعَطَنِ أَرْبَعُونَ ذِرَاعًا، وَحَرِيمُ بِئْرِ النَّاضِحِ سِتُّونَ ذِرَاعًا مِنْ كُلِّ جِهَةٍ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ حَبْلُهُمَا أَطْوَلَ، وَحَرِيمُ الْعَيْنِ خَمْسُمِائَةِ ذِرَاعٍ. وَلاَ يُعْلَمُ لأََبِي حَنِيفَةَ سَلَفًا فِي قَوْلٍ فِي بِئْرِ النَّاضِحِ، وَقَدْ خَالَفَ الْمُرْسَلَ فِي هَذَا الْحُكْمِ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ فِي قَوْلِهِ الْمَذْكُورِ: هُوَ السُّنَّةُ، وَالْمَالِكِيُّونَ يَحْتَجُّونَ فِي أَصَابِعِ الْمَرْأَةِ بِقَوْلِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ: هِيَ السُّنَّةُ فَهَلاَّ احْتَجُّوا هَهُنَا بِقَوْلِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ: هِيَ السُّنَّةُ.
وَأَمَّا الشُّرْبُ مِنْ نَهْرٍ غَيْرِ مُتَمَلَّكٍ، فَالْحُكْمُ أَنَّ السَّقْيَ لِلأَعْلَى فَالأَعْلَى لاَحِقٌ لِلأَسْفَلِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الأَعْلَى حَاجَتَهُ، وَحَقُّ ذَلِكَ أَنْ يُغَطِّيَ وَجْهَ الأَرْضِ حَتَّى لاَ تَشْرَبَهُ وَيَرْجِعُ لِلْجِدَارِ أَوْ السِّيَاجِ، ثُمَّ يُطْلِقُهُ، وَلاَ يُمْسِكُهُ أَكْثَرَ، وَسَوَاءٌ كَانَ الأَعْلَى أَحْدَثَ مِلْكًا أَوْ إحْيَاءً مِنْ الأَسْفَلِ، أَوْ مُسَاوِيًا لَهُ، أَوْ أَقْدَمَ مِنْهُ، وَلاَ يُتَمَلَّكُ شِرْبُ نَهْرٍ غَيْرِ مُتَمَلَّكٍ أَصْلاً، وَلاَ شِرْبُ سَيْلٍ، وَتَبْطُلُ الدُّوَلُ وَالْقِسْمَةُ فِيهَا وَإِنْ تَقَدَّمَتْ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ قَوْمٌ حَفَرُوا سَاقِيَةً وَبَنَوْهَا، فَلَهُمْ أَنْ يَقْتَسِمُوا مَاءَهَا بِقَدْرِ حِصَصِهِمْ فِيهَا. بُرْهَانُ ذَلِكَ: مَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد، حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ هُوَ الطَّيَالِسِيُّ أَنَا اللَّيْثُ، هُوَ ابْنُ سَعْدٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: خَاصَمَ الزُّبَيْرُ رَجُلاً فِي شِرَاجِ الْحَرَّةِ الَّتِي يَسْقُونَ بِهَا، فَقَالَ الأَنْصَارِيُّ لِلزُّبَيْرِ: سَرِّحْ الْمَاءَ يَمُرُّ فَأَبَى عَلَيْهِ الزُّبَيْرُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلزُّبَيْرِ: اسْقِ يَا زُبَيْرُ ثُمَّ أَرْسِلْ إلَى جَارِكَ فَغَضِبَ الأَنْصَارِيُّ وَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنْ كَانَ ابْنُ عَمَّتِكَ فَتَلَوَّنَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ: اسْقِ ثُمَّ احْتَبِسْ الْمَاءَ حَتَّى يَرْجِعَ إلَى الْجَدْرِ.
وَمَنْ غَرَسَ أَشْجَارًا فَلَهُ مَا أَظَلَّتْ أَغْصَانُهَا عِنْدَ تَمَامِهَا، فَإِنْ انْتَثَرَتْ عَلَى أَرْضِ غَيْرِهِ أَخَذَ بِقَطْعِ مَا انْتَثَرَ مِنْهَا عَلَى أَرْضِ غَيْرِهِ. رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد، حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عُثْمَانَ حَدَّثَهُمْ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ هُوَ الدَّرَاوَرْدِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: اخْتَصَمَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلاَنِ فِي حَرِيمِ نَخْلَةٍ فَأَمَرَ عليه السلام بِجَرِيدَةٍ مِنْ جَرِيدِهَا فَذُرِعَتْ فَقَضَى بِذَلِكَ يَعْنِي بِمَبْلَغِهَا. وَأَمَّا انْتِثَارُهَا عَلَى أَرْضِ غَيْرِهِ فَلِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ فَلاَ يَحِلُّ لأََحَدٍ الأَنْتِفَاعُ بِمَالِ غَيْرِهِ إِلاَّ مَا دَامَتْ نَفْسُهُ لَهُ طَيِّبَةً بِذَلِكَ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
وَمَنْ تَرَكَ دَابَّتَهُ بِفَلاَةٍ ضَائِعَةً فَأَخَذَهَا إنْسَانٌ فَقَامَ عَلَيْهَا فَصَلَحَتْ، أَوْ عَطِبَ فِي بَحْرٍ أَوْ نَهْرٍ فَرَمَى الْبَحْرُ مَتَاعَهُ فَأَخَذَهُ إنْسَانٌ أَوْ غَاصَ عَلَيْهِ إنْسَانٌ فَأَخَذَهُ، فَكُلُّ ذَلِكَ لِصَاحِبِهِ الأَوَّلِ، وَلاَ حَقَّ فِيهِ لِمَنْ أَخَذَ شَيْئًا مِنْهُ، لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ. وَقَدْ جَاءَ فِي ذَلِكَ خِلاَفٌ: كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَنَا مَنْصُورٌ، هُوَ ابْنُ الْمُعْتَمِرِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ حُمَيْدٍ الْحِمْيَرِيِّ قَالَ: سَمِعْت الشَّعْبِيَّ يَقُولُ: مَنْ قَامَتْ عَلَيْهِ دَابَّتُهُ فَتَرَكَهَا فَهِيَ لِمَنْ أَحْيَاهَا: فَقُلْت لَهُ: عَمَّنْ يَا أَبَا عَمْرٍو قَالَ: إنْ شِئْت عَدَّدَتْ لَك كَذَا وَكَذَا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ الطَّحَّانُ الْوَاسِطِيُّ أَنَا مُطَرِّفٌ، هُوَ ابْنُ طَرِيفٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ فِي رَجُلٍ سَيَّبَ دَابَّتَهُ فَأَخَذَهَا رَجُلٌ فَأَصْلَحَهَا فَقَالَ الشَّعْبِيُّ: هَذَا قَدْ قَضَى فِيهِ إنْ كَانَ سَيَّبَهَا فِي كَلاٍَ، وَأَمْنٍ، وَمَاءٍ، فَصَاحِبُهَا أَحَقُّ بِهَا، وَإِنْ كَانَ سَيَّبَهَا فِي مَخَافَةٍ أَوْ مَفَازَةٍ فَاَلَّذِي أَخَذَهَا أَحَقُّ بِهَا. وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ غِيَاثٍ قَالَ: سُئِلَ الْحَسَنُ عَمَّنْ تَرَكَ دَابَّتَهُ بِأَرْضِ قَفْرٍ فَأَخَذَهَا رَجُلٌ فَقَامَ عَلَيْهَا حَتَّى صَلَحَتْ قَالَ: هِيَ لِمَنْ أَحْيَاهَا. قَالَ: وَسُئِلَ الْحَسَنُ عَنْ السَّفِينَةِ تَغْرَقُ فِي الْبَحْرِ فِيهَا مَتَاعٌ لِقَوْمٍ شَتَّى فَقَالَ: مَا أَلْقَى الْبَحْرُ عَلَى سَاحِلِهِ، وَمَنْ غَاصَ عَلَى شَيْءٍ فَاسْتَخْرَجَهُ فَهُوَ لَهُ. قال أبو محمد: وَهُوَ قَوْلُ اللَّيْثِ وَلَقَدْ كَانَ يَلْزَمُ مَنْ شَنَّعَ بِقَوْلِ الصَّاحِبِ لاَ يُعْرَفُ لَهُ مُخَالِفٌ أَنْ يَقُولَ بِقَوْلِ الشَّعْبِيِّ، وَالْحَسَنِ؛ لأََنَّهُ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ لاَ يُعْرَفُ لَهُ مُخَالِفٌ مِنْهُمْ.
وَلاَ يَلْزَمُ مَنْ وَجَدَ مَتَاعَهُ إذَا أَخَذَهُ أَنْ يُؤَدِّيَ إلَى الَّذِي وَجَدَهُ عِنْدَهُ مَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ، لأََنَّهُ لَمْ يَأْمُرْهُ بِذَلِكَ، فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ بِمَا أَنْفَقَ. وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَنَا دَاوُد بْنُ أَبِي هِنْدٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ أَنَّ رَجُلاً أَضَلَّ بَعِيرًا لَهُ نِضْوًا فَأَخَذَهُ رَجُلٌ فَأَنْفَقَ عَلَيْهِ حَتَّى صَلَحَ وَسَمُنَ، فَوَجَدَهُ صَاحِبُهُ عِنْدَهُ فَخَاصَمَهُ إلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَقَضَى لَهُ بِالنَّفَقَةِ وَرَدِّ الدَّابَّةِ إلَى صَاحِبِهَا قَالَ الشَّعْبِيُّ: أَمَّا أَنَا فَأَقُولُ: يَأْخُذُ مَالَهُ حَيْثُ وَجَدَهُ سَمِينًا أَوْ مَهْزُولاً، وَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ.
|